-->

روائع الادب روائع الادب
random

آخر المواضيع

random
recent
جاري التحميل ...
recent

نقيق ضفادع

نقيق ضفادع

كنت ولازلت أمقت الضجيج والأصوات العالية بلا سبب أو فائدة ،أنزعج وبشدة من الموسيقى الصاخبة ومكبرات الصوت الموغلة في المبالغة ،بل أنني صرت أحسب كل صراخ وكل صارخ من فئة الحيوانات وأزرعه برأسي منزوع الأنسانية ،والأكثر غرابة أنني أعتبر الذين يستخدمون رفع الصوت وسيلة لإثبات الذات مهزوزون لا شخصية لهم ، وما زاد الأمر سوء أن خيالي الطفولي الواسع رسمهم ضفادع لا عمل لهم غير النقيق ،وأكل الذباب والعيش مع الطحالب الخضراء التي تحجب الشمس عن كل بحيرة تكتسي سطحها بوقاحة.

كل يوم جديد تتسع فيه مداركي ،ازداد حنقا وتتسع طرديا فئات الذين أمقتهم فيظهر جليا ذلك المقت في كل حركة أتحركها وخلف كل نظرة أرسلها لدرجة أن أنزعاجي لم يعد محصورا على أصحاب الأصوات المنكرة بل أمتد لأولئك الصامتون ،يشترون بصمتهم نصف رغيف خبز و طنٌ من الذل والتمزق ،بل إنهم يشترون العبودية بطأطأة الروؤس وتجرع الخيبات والخيانات.

وأنا أدور في الشوارع ،أحدق في وجوه المارة شاب يتسول وعجوز تبيع الذرة الشامية ،صغيرة تنتعل الحجارة والأشواك وأنثى تظن الشارع دار عرض للأزياء ،وطحالب خضراء ،وكثير كثير من النقيق ،وغرغرات البطون ،والصدى العائد من العقول الفارغة ،لا شيء يوقف تحديقي سوى أكوام القمامة،
أغضب
 أين النظافة ؟
ألست في شوارع مدينة؟
يجيبني شاب يقف على قارعة الطريق يفتش بعيناه عن حب عابر ويقول:
القمامة يا متمدنة لاستمرار الذباب ،والذباب لأجل الضفادع ،والضفادع لأجل حماية الطحالب،والطحالب لأجل حجب النور عن الأسماك الجميلة مثلك والذكية مثلي .  
  ثم يبتسم ويدس خلسة كرت صغير في حقيبتي.
كيف قرأ أفكاري؟
سؤال سخيف يقفز لمخيلتي ،ثم بعد برهة إندهاش ،أسحب كرته الأحمر وأمزقه بتحدي ثم أبعثرة فوق أكياس القمامة قائلة:
 قالو لي أن الضفادع تشرب الدماء.
ظهر الخوف الشديد على وجهه ،أمسك بذراعي وجرني نحوه وهمس:
إياك وذكر ذلك مجددا ،أخاف أنا أن تلتهمك الضفادع الضخمة.
ثم دفعني بقوة وأختفى كدمعة  سياسي يلقي خطابا عن الشهيد والوطن.

أغوص بكلماته ،بأحرفه أكتشف أنني سيئة الحظ كالعادة ،لو لم أمزق كرته لوجدت إليه سبيلا.
مساء ذلك اليوم قررت أن أحشو أذناي بالقطن دائما ماعدت احتمل نقيق الضفادع ،وقبل ذلك أستمعت لنشرة الأخبار ،ورأيت ذلك الشاب يعرض على النشرة تقريرا عن أنواع الضفادع وختمه قائلا:
الضفادع الكبيرة تأكل لحوم البشر فلتحذروا ياسادة.
شعرت بدوار شديد ،جلست ملتصقة بأبي وهمست له:
أبي أطعمني مرا وحلتيتا.

 

أميمة راجح

30/12/2018

الأحد

 

إهداء للفراشات الحذرات على الدوام من السحالي والحربايات المتلونة والضفادع الكبيرة والصغيرة ،إهداء لطيور الماء التي تلتهم الضفادع إنصافا للفراشات ،إهداء للشمس التي ستتجاوز الطحالب وستصل لقاع البحيرة يوما ما.


التعليقات



إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

إتصل بنا

تابعونا لتتوصل بجديد هشام هاشم

Carousel

جميع الحقوق محفوظة

روائع الادب

2016