*للشاعر زاهر حبيب*
صَـــــــيْــــــحَــــــةُ الـــــــــنُّـــــــــور
.
.
مـــن أيِّ قــامـوسٍ أُصـافِـحُهُ تُــرَى؟
وبِــرَمــلِ مَــعـنَـاهُ الـجَـمـيـعُ تَــعَـثَّـرا
.
.
مــــن أيِّ نــافِــذةٍ أَبُــــوحُ.. وذِكـــرُهُ
نَـغَـمٌ يُـحِـيلُ حَـصَـى الـعِـبارةِ سُـكَّرا
.
.
هُــــوَ غَــيْـمـةٌ لـعِـنَـاقِـها ولِـرَشـفِـها
كــم فــاضَ نَـهرُ الإنـتِظارِ وكـم جَـرَى
.
.
هُـــوَ نَـفـحَةٌ.. أَعـيَـا الـمَـدَى بـغِـيابهِ
لَــمَّــا أَتَــــى خَــــرَّ الــزَّمـانُ مُـكَـبِّـرا
.
.
بَـــهَــتَ الــجَـهـالـةَ نُــــورُهُ وبَــهــاؤُهُ
وعــلــى مَــرَايــاهُ الــضَّــلالُ تَـبَـخَّـرا
.
.
قَـد جـاءَ مِن أَقصَى الحَنينِ -سَحَابةً-
وارَى جَــفَــافَ الـعـالَـمِـينَ وأَمــطَــرا
.
.
مِـــن حَــوْلِـهِ هَــطَـلَ الـرَّبـيعُ مَــوَدَّةً
وبــرَوْضِــهِ جِــــذعُ الإخــــاءِ تَــجَــذَّرا
.
.
الــحَــقُّ أَذَّنَ مِــــن شَـمـائـلهِ وقَـــد
آوَى إلــــــى مِــحــرَابــهِ وتَـــسَــوَّرا
.
.
فــهُـوَ الـــذي جَـعَـلَ الـسَّـماحَ رِدَاءَهُ
ومِــنَ الـتَّـوَاضُعِ ســارَ يَـنـسِجُ مِـئزَرا
.
.
مـــا صـافَـحَـتْ بَــحـرًا أُجــاجًـا كَـفُّـهُ
إلا وأَنــــكَــــرَ مِـــلــحَــهُ وتَـــكَــوْثَــرا
.
.
.
.
هُــوَ مَــن بـأَسـفارِ الـنَّـدَى تَـعـرِيفُهُ:
صُــبـحٌ تَـعَـمَّـمَ بـالـنَّـسِيمِ وأَســفَـرا
.
.
هُــوَ مَــن عـلى أصـدَاءِ صَـيْحَةِ نُـورِهِ
كُــلُّ الـمَـدَائنِ عـانَـقَتْ (أُمَّ الـقُـرَى)
.
.
(طـه) إلـى مَـعنَاهُ يَـنتَسِبُ الـضُّحَى
الـقَـلـبُ ثَــنَّـى فـــي هَـــوَاهُ وأوْتَــرا
.
.
طــــه ضِــيــاءٌ مـــا يَـــزالُ مُـسَـافِـرًا
مُـذْ أشـرَقَتْ بُـشراهُ بَيْنَ يَدَي (حِرا)
.
.
عِــطــرٌ تَــفَـيَّـأتِ الــحَـمَـامُ ظِــلالَــهُ
وبــضَـوْعِـهِ الـزَّيْـتُـونُ طـــابَ وأَثــمَـرا
.
.
نَـهـرٌ مِــنَ الـصَّـلَوَاتِ يَـجـري رَحـمَةً
فــي ضَـفَـتَيْهِ يُـعَـانِقُ الـجُـودُ الـقِرَى
.
.
مِـــن كُـــلِّ طِـيـبٍ قَــد تَـأَلَّـفَ قَـلـبُهُ
وبـــكُــلِّ حـــــزنٍ كــــادَ أنْ يَـتَـفَـطَّـرا
.
.
فَـلَـكَـمْ تَــصَـدَّعَ فـــي غَـيَـابَةِ كَـربِـهِ
ولَـكَـمْ رَمَــاهُ الـمُـبطِلُونَ مِــنَ الـوَرَى
.
.
لَـكِـنَّـهُ مــا قــالَ "لِــي إبِـلـي" وقَــد
جَـمَـعُوا لــهُ مِــن كُــلِّ حِـقدٍ خِـنجَرا
.
.
بَـــلْ ســـارَ والـطَّـعـناتُ تَـمـلأُ أُفْـقَـهُ
يَـبـني صَـبَـاحًا -كـالـطُّفُولَةِ- أَخـضَـرا
.
.
سُـبـحَـانَ مَـــن جَــلَّاهُ قــابَ مَـحَـبَّةٍ
وبــرُوحِــهِ نَــفَــخَ الــجَـمَـالَ وصَـــوَّرا
.
.
.
.
طـــه كِــتـابٌ لَــيْـسَ يُـــدرَكُ كُـنْـهُـهُ
فـــي جَــوْفِـهِ خَـــطَّ الإلــهُ وسَـطَّـرا
.
.
طـــه صَـــلاةُ الـمـاءِ والـطِّـينِ الــذي
نَــــزَعَ الأَنـــا عَـــن نَـبـضِـهِ فـتَـعَـنبَرا
.
.
طـــه.. وتَـــذوِي الـمُـفرَدَاتُ ويَـنـزَوي
بَـحـرُ الـمِـدَادِ، كَـدَمـعَةٍ تَـشكُو الـعَرا
.
.
سَـــلْ عَـنـهُ قَـوْمًـا إذْ أتـاهُـمْ فـاتِـحًا
قـالَ: اذهَـبُوا.. كُـلٌّ غَدَاْ "حاءً" و "را"
.
.
سَـــلْ عَــنـهُ (قُـبَّـرَةً) أتَـتـهُ بـدَمـعِها
سَلْ عَنهُ (جِذعًا) حِينَ غابَ استَنفَرا
.
.
قَــــد كــــانَ قُــرآنًـا يَـــرُوحُ ويَـغـتَـدي
مـــا بَــيْـنُ ظـهـرانِ الـحَـياةِ مُـعَـطَّرا
.
.
مـــاذا عَـسَـانـيَ أنْ أخُــطَّ لــهُ هُـنـا
وبـوَصـفِـهِ صـــامَ الـجَـمَـالُ وأفــطَـرا
.
.
هــــا إنــنـي بِــهَـوَاهُ مِـــتُّ صَـبـابـةً
أَفْــنَـيْـتُ مــائــدَةَ الـحَـنِـيـنِ تَــضَـوُّرا
.
.
كَــيْـمـا أُنَــاغِــي طَــيْـفَـهُ وأَضُــمُّــهُ
أرهَـقـتُ -بـالأشوَاقِ- أَجـفانَ الـكَرَى
.
.
غَــنَّـتـهُ رُوحــــي أحــمَـدًا ومُـحَـمَّـدًا
وإلَـيْـهِ كــم حَـجَّ الـفُؤادُ وكـم سَـرَى
.
.
يـــا لَـيْـتَـني كُــنـتُ ارتِــحـالَ دُرُوبــهِ
أو لَــيْـتَ إذْ وارَوْهُ قَـــد كُـنـتُ الـثَّـرَى
.
.
حُــســبُ الـبَـرِيَّـةِ أَنَّـــهُ لَــمَّـا أَتَـــى
والـلَّـيْـلُ فــي آفـاقِـهِمْ قَــد عَـسـكَرا
.
.
أَلـقَـى عـلـى وَجـهِ الـظَّلامِ قَـمِيصَهُ
حــتـى تَـشَـظَّـى دَمـعَـتَـيْنِ وأَبـصَـرا
.
.
صَــلَّــى عَـلَـيْـهِ اللهُ مـــا آوَى إلـــى
سَــكَـنَــاتـهِ لَــيْــلٌ ووَلَّــــى مُــدبِــرا
.
.
زاهر حبيب

إرسال تعليق