( طلقت دنيا )
طلَّقتُ دُنيا الغَيِّ والأوحَالِ
وهَجرتُ مَن في حُبِّها إذلالي
وقَطَعتُ حَبلَ وِصَالِها مِنْ خَافِقي
فَأَرَحتُ مِن هذِي الدّنيَّةِ بَالِي
وتَعلَّقتْ نفسِي بِأُخرَى غَيرِها
بِجنانِ ربِّي والنّعيمِ الغالِي
فيها اسْتوتْ عندِي السِّعادةُ والأسى
سيَّان فـقرٌ أو غِنىً لِزوالِ
إني رأيتُ بِها الفناءَ حَقِيقَةً
أمّا البَقَا وهمٌ ومحضُ مُحَالِ
والمرءُ مهما طالَ فيها عُمرهُ
لابُدَّ يُفْضي الحِلُّ لِلتِّرحَالِ
فـَكأنما الأرواحُ مُـنذُ وِلَادَةٍ
قدْ عُلِّقتْ بِمَعاصِمِ الآجَالِ
والنَّاسُ فـوقَ الأرضِ إمَّا عَارفٌ
تَركَ الهوى في اليُسرِ والإقْلالِ
أو ذُو غَبَاءٍ غَارِقٌ فـي غَيّهِ
يَمشِي عَليها مِـشيةَ الْمُختالِ
لا تَعدِلُ الدّنيا جَناحَ بَعُوضَةٍ
كَسرابِ قَاعٍ أو كَطيفِ خيالِ
أهلُ النُّهى عَرفُوا غُرورَ مَتَاعِها
فَتزوّدوا مِن صَالحِ الأعْمَالِ
إنَّا أتَينَا لِلحَياةِ بِلا رِضَى
وَلَسوفَ نتركُها بِغير سُؤالِ
والنّفسُ تَأملُ والحياةُ قَصِيرَةٌ
والمَوتُ يَقطـعُ بُغيَةَ الآمَالِ
خالدالشرافي - اليمن

إرسال تعليق