وكان جلد الأفعى ناعما جدا بما لا يدع لنا شك أبدا أنه يخفي مخلوق شديد الخطورة يقتلنا بقطرة سم 🍃
نساء من أشواك 2
شقيقة أبي
حينما كان يزورني كنت ألتصق بشباك غرفتي بالطابق الثاني خفية أراقب مروره بالشارع ثم قرعه باب البيت ثم دخوله ،أراقبه بحب لو وزع على أهل الأرض جميعا لتوقفوا عن صناعة الأسلحة والكراهية والعنصرية وزرعوا الدنيا ورودا ،إنه ابن خالي ،صديق طفولي وفارس أحلام مراهقتي ،خطيبي منذ تسع سنوات ،غرفتي تضج بهداياه وهاتف منزلنا حار بفضل مكالماته ،وقلبي ممتلئ حتى أقصاه بابتسامته المضيئة ،وها أنا اليوم أقف حيث يمكنني أن ألتهم تقاصيله ببطء وبدون أي رقيب ،ورقة بيضاء سقطت منه تلفت عن يمين وعن شمال ثم مضى ببطء ،قلت لنفسي: ليت لي أجنحة أطير وألتقطها إنها محظوظة كانت أقرب ما يكون له ،متشبعه بعطره و و .. وأفكاري تتدفق ،اقتربت عمتي من الورقة ،رفعتها ثم تلفت كما فعل ،لثمتها وحضنتها كما لو كانت ابنتها ودخلت لحيث لا أدري ،تلك الحركة أشعلت بقلبي ضوء إستغاثة كما لو كان حبنا سفينة حاصرتها عاصفة وسط البحر وتلك الرسالة علامة استغاثة.
نزلت من غرفتي واتجهت مباشرة لغرفة عمتي ،عبر ثقب المفتاح رأيتها تقرأ الورقة ثم تدسها تحت سريرها ،قرعت الباب وطلبت منها أن تجيب نداء أحدهم ،انصرفت بوجه نصفه سعادة ونصفه ثقة ،ودخلت أنا غرفتها قلبي تحت سريرها وعيناي بين أسطر تلك الرسالة الغرامية الفاضحة ،كانت دبلة خطوبتي في يدي اليسرى كلما سألوني لماذا وأنت خطيبته لستِ زوجته ؟
أجيب بثقة مطلقة وسعادة عميقة :
أرواحنا تزوجت في السماء.
تلك اللحظة فقط شعرت أن روحي ستضل حبيسة الصندوق الأحمر الطافح برسائله لعمتي التي تكبره بخمسة عشر عام ،خلعت دبلتي ووضعتها داخل الصندوق.
حين تواجهنا على الغداء لم أسلم عليه لم أسأله عن حاله لم أرمش بعيني كي لا تسقط السماء كسفا قلت له بصوت خافت:
إنها شقيقة أبي.
أتذكر أنني منذ تلك الليلة نسيت ملامح عمتي ،نسيت اسمه.
لم يكن النسيان اختياري إنما كان العقاب الذي مارسه عقلي بعد أن اكتشف أن صدري لم يعد يحمل خلفه إلا رئتين وأن قلبي هناك لازال قابع فوق ظهر شقيقة أبي ،ومحفور على دبلة ذاك الذي كان يوما خاطبي.
أميمة راجح
29/12/2019
الأحد

إرسال تعليق