يونس والنون
ماكنت يوما على دين الفراعين
ولن تساومني الدنيا على ديني
فإن نبا السيف في كفي فإن يدي
تخفي لعنق الرزايا حد سكينِ
هذا أنا أقتفي أقدام من عبروا
على الصراط إلى ظل الرياحين
محفوفةٌ بالردى أقدام راحلتي
والريح تعصف بي عصف الطواحين
أدمنت خوض محيط الكون ليس معي
في رحلة التيه اﻻ ظل تكويني
وكنت أعزف الحان الحياة رؤى
بريئةً تتوارى وهي ترويني
هذا أنا يانبي الحرف ، معجزتي
قلباً من النور لا قلباً من الطينِ
عصا النبؤة في كفي أقص بها
آثار من عبروا في طور سينين
في شاطئ الكلمات المنتقاة يدي
بيضاء كالبدر في آفاق تشرين
أغوص كاللؤلؤ المكنون في لججٍ
فيها يد الموت سيفاً غير مكنون
أطفو على الماء حينا ثم تعصف بي
ريح المعاناة من حينٍ إلى حينِ
وأكسر الموج حينا ثم يكسرني
ومامعي غير قلبي من يواسيني
لم يحفل الموج والأنواء بي وأنا
أرويهما الحزن من عزفي وتلحيني
لن أترك البحر رهواً والعصا بيدي
حتى أُصف جنودي في الميادينِ
حتى أناجز من يقسو ببطشته
لكي يذوق بحرفي قسوة اللين
لن تعتسف خطوتي دربي لغايتها
ولن أُعدِّل بنداً من قوانيني
كل المسافات ظمئى والدروب دجى
فكيف أقرأ عن بعدٍ عناويني
لم يعرف البحر مني غير نبض دمي
حباً، وشوقا كانفاس المساكين
يقودني الشوق أعمى غير أن معي
بصيرةً ، أوقدت من نور زيتوني
صليت حزن الليالي وهي تهزأ بي
حتى انتبذت على أوراق يقطين
وها أنا اليوم أتلو سفر قافيةٍ
يتيمة النسج من نثري وموزوني
ياسادن الحرف كم أغرقت من لُجِجٍ
يطفو على سطحها عرش الشياطين
واليوم تصفعني الدنيا وتحبسني
في قمقم الصمت في أعماق سجين
أرسلت بالشعر وحياً من مخيلتي
فلم يصدقني شعب المجانين
فصرت منتبذاً في يم قافيتي
لما لقيت الذي لاقاه ذا النونِ
سبحت في ظلماتٍ لم يمر بها
منذ الخليقة روحٌ ضارعٌ دوني
حتى تجلت لي الدنيا بما ملئت
وصرت أزهد فيها وهي تدعوني
ياسادن الكلمات البكر لي وطنٌ
أسقيته من جراحي كي يؤايني
أرخصت من أجله روحي وما ملكت
ولن أقايض فيه مال قارونِ
أقسمت أن لا أرى إلاه لي وطناً
أعطيه من صبر جرحي وهو يعطيني
فكيف أترك كف العابثين به
وقد أكلت ثراه يوم تلقيني
خطيئة الشعر عارٌ يصطلون به
من عاقروا الشعر ظلماً ، نار تنينِ
إبراهيم… حجر

إرسال تعليق