ماذا لو صنعوا مجرما يسرق من نفوس الناس الشر؟
من حكايا الناس 1
أيادي سوداء
إنه ميلادي الخامس عشر أحتفل به وحيدا في غرفة والدي القديمة في منزل جدي، أبي لن يتذكر هذا اليوم بالتأكيد فهو يوم بؤسه، أما أمي فغائبة رغم حضورها، ومع كل هذا الشعور الموحش حاولت أن أصنع لنفسي بهجة خاصة، أن أسرق من ألوان الحياة لطخة صغيرة وعابرة، خرجت للسوق اشتريت علب طلاء ملونة وفرشاة وعدت للغرفة أخرجت السرير الكبير بعد أن فككته قطعة قطعة لعلي أستخلص ذكريات زواج أمي وأبي منها ولكن لا جدوى لم أعرف أكثر مما قالته لي جدتي
-لحظات من الماضي -
"والدك أحب أمك منذ أول لحظه لها في الحياة، لقد تعسرت ولادة أمها بها وماتت وبقيت والدتك بين يدي تصرخ وتصرخ حتى أتى والدك وهو في السادسة من عمره لفها ببطانيته وضمها لصدره في حنان وقال لي بنبرة طفولية بريئة ومتملكة : إنها لي يا أمي.
فكبرت أمك بين ذراعي والدك حتى تزوجا وعاشا بسعادة وجئت أنت أول فرحتهما وفي يوم ميلادك صرخت أمك: طلقني. فكانت النهاية "
استئناف
عدت للغرفة محاولا إخراج خزانات الملابس ولكنها كانت ثقيلة للغاية مما اضطرني لإفراغها وتفكيكها، خلال انهماكي بالعمل وجدت لفافة غريبة مطوية بين المسامير بشكل مريب ومتقن أخرجتها ببطء وبحذر شديد كي لا تتلفها النتوءات وخرجت أخيرا حين فتحتها ذهلت لطولها لقد تجاوز المتر حقا مكتوب فيها رموز غريبة وحروف بلا نقاط ولم أفهم إلا اسم والدي ووالدتي (تعويذات) هذا ماتبادر لذهني بادئ الأمر ولكنني أخذتها لجدتي لعلها تشبع فضولي.
كانت جدتي على سجادة الصلاة تقرأ ما تحفظه من القرآن ،انتظرت حتى أتمت سورة الفلق ،جلست بجوارها قبلت ركبتها وفتحت كفها ووضعت فيه تلك اللفافة وبدأت الحرب.
كانت جدتي تصرخ وتقول بلا وعي: لم أتعمد تفريقهما بالسحر ،لقد كانت أمك لا تستحق أباك ،أنا فقط استعدت ولدي منها... أنا أنا...... وضاع الكلام وسقطت جدتي تبكي بشدة وتمزق تلك الورقة بجنون.
كان كل ذلك كافيا لمعرفة السبب الحقيقي وراء انفصال والدي، وكنت فرحت بأن جدتي مزقت ذلك السحر وعاد بقلبي أمل كسير في استعادة أسرتي التي لم أنعم بيوم دافئ في حضنها،فخرجت مسرعا لمنزل والدتي أعلمها بأن كل شيء انتهى ،في باب المنزل وجدت أمي قد جنت تماما، يا إلهي!
صرخت بخالي: ماذا جرى لأمي؟
هز رأسه وقال بأسى: منذ لحظات بدأت بالصراخ وخلع ملابسها حاولت ثنيها لكنني اكتشفت أنها جنت تماما.
تلك اللحظة أدركت أن جدتي الحنونة كانت الشريرة الوحيدة في القصة، حملت بندقية خالي وعدت للمنزل ،أفرغته في رأسها وذهبت لأبي قلت له مودعا: لم تكن يديها المخضبة بالحناء ملاذي الأمان لقد كانت أيادي سوداء.
لكنه لم يفهم شيئا ،بعد ثلاث سنوات قال لي القاضي: والدك متمسك بالقصاص، قال لي أنك مجرم كبير قتلت جدتك وجنت بسببك أمك، ومنذ ولادتك وأنت تأكل قلبه قطعة قطعة.
أميمة راجح
الإثنين
13/4/2020

إرسال تعليق